لم تراقبني الجارة أم داود وأنا أخرج السيارة من الكراج .كما تعودت أن تفعل كل صباح . سافرت لقضاء بضعة أيام عند ابنتها . وتحسنت أحوال قيادتي. لم أصطدم بعمود الكهرباء . ولم تنزلق عجلاتي في حفر المجاري . ولم تتأذ المقدمة بزاوية منعطف الحي الحادة . إنها بركة غيابها . قلت لزوجتي وأنا ألتهم فطوري بنهم .وضحكت طفلتي واختبأت ورائي .ووضعت أمها كأس الحليب الذي كانت تحاول أن تقنعها بشربه . وأخبرتني : ”سأستغل الفرصة وأذهب لإحضار الأريكة الجديدة من المحل ” هززت رأسي موافقا . لا أحد يعلم متى أم داود تعود .اشترينا الأريكة بعد غيابها بأيام , وتركناها عند صاحب المحل حتى يضيف إليها بعض اللمسات , جارتنا سيدة فضولية . تظل طيلة اليوم جالسة في شرفتها ,تراقب الطالع والنازل,وتتلصص على أحاديث المارة , وحركات الجيران .سكان. الحي يخشون نظراتها .ويتفادون المرور تحت شرفتها , خوفا من أن يتعرضوا هم أو مايحملونة لمكروة أوسوء وعندما تضطرهم الظروف لذلك , يخفضون رؤوسهم بوجل , ويتمتمون بدعاء حار تلتقطة أذناها , فتزداد عيناها اتقادا, وترتجف شفتاها غضبا , وتمطران المارة بوابل من الشتائم الساخطة . قلت لصغيرتي وأنا أحتهي فنجاني بأنها تدغدغني , لم تتوقف عن العبث بظهر سترتي . قامت أمها تجهزها لأخذها إلى المدرسة , وسبقتها إلى الكراج . خرجت بسيارتي بيسر ,وحمدت الله مرة ثانية على غياب أم داود. ليتها تطيل مقامها عند أبنتها .ركبت الصغيرة قربي وانطلقنا إلى مدرستها .ثم توجهت إلى عملي . وقعت سجل الحضور. واستدرت لأجد الموظفين الثلاثة الذين كانوا يقفون خلفي يتطلعون إلىّ بفضول . وعلى وجوههم ابتسامات عريضة . حييتهم بحرارة , وصعدت إلى مكتبي .
مذهل كيف أن حياتي في الأسبوعين الأخيرين صارت جميلة ومبهجة . بركة أخرى من بركات غياب أم داود . توقفت لأحدث بعض الزملاء في الممر, وارتفعت حواجبهم بدهشة وهم ينظرون خلفي . والتفت لأجد أحد الموظفين الثلاثة الذين تركتهم في الدور الأرضي يغمز بإلحاح . ويشير بيده إلينا ,
ويبتسم . ضج الزملاء بالضحك , وشاركتهم المرح وأنا أهز رأسي برضا . جميل أن نبدأ دوامنا بابتسامة . تبعتني سكرتيرتي إلى المكتب , ووقفت تستمع إلىّ بصمت وتحاول كبت جماح ضحكة عنيفة نطت من عينيها . حدثتها عن فضائل البهجة والمرح . وخلعت سترتي , ورفعت لأعلقها , وتسمرت مكاني !
وسط ظهر القماش الرمادي الفاتح كان ثمة ملصق لافت برتقالي سمين يشجر ويشير بذيله إلى تعليق كتب فوقه : ”لاأريد الذهاب إلى المدرسة ! ” . أحمر وجهي بشدة . شعرت بحرارتة الفائقة وغلي دمي . أنة عمل أبنتي . ظننتها تدغدغني . وهي كانت تلصق هذه المسخرة على ظهري . ”طيب ” قلت للسكرتيرة
التي لم تبارح مكانها ”ضحك الجميع بما فيه الكفاية . إلى العمل الآن . أحضري إليّ البريد . وملفات كل القضايا التي ستناقش . واطلبي لي قهوة مرة . ونبهي السادة الذين يثرثرون في الممر أنني سأقوم بجولة تفقدية في ظرف خمس دقائق ..“ بالغت بعض الشئ لكب حنقي كان كبيراً . كيف يسخرون مني , ويتركونني أشاركهم الضحك على نفسي ?
استغللت فرصة الغداء لأركب السيارة . وأسرع إلى الشقة لتغيير ثيابي لديّ اجتماع مهم بعد الظهر مع مسئولي الإدارة , ولم يكن من الممكن أن أحضرة من دون بدله رسمية كاملة . رفعت السرعة, ورن هاتفي فجأة . زوجتي تعلمني بأنها تعرضت لحادثة . تمايلت سيارتي بشكل خطر وأنا أمطرها بالأسئلة . صفر أحدهم . وخفضت السرعة .وتوقفت جنب الطريق وواصلت الحديث مع زوجتي . لم تصب بأذى . سائق السيارة انقل الذي رافقته لإحضار الكنبة اصطدم بعربة فاكهة . وتشاجر مع صاحب العربة . وجاءت الشرطة ونقلت الجميع إلى القسم . زوجتي تطلب حضوري لأخرجها ولنستعيد الكنبة . حاضر ,حاضر طمأنتها وأغلقت المحمول.ونقرأحدهم زجاج النافذة فتحت لشرطي طلب أوراقي , وسارعت أشرح له قبل أن يحرر محضره : (كنت أحدث زوجتي يا سيدي . تعرضت لحادث مرور، وهي الآن في قسم الشرطة ).
( كنت تتحدث في الهاتف ؟ , جيد أنك أخبرتني , فأنا لم أنتبه ) . قال , وأعلن بنبرة معسولة : ( لديك مخالفتان الآن : السرعة واستعمال الهاتف أثناء القيادة . هل تفضل دفع الغرامة في القسم ؟ قلت بأن زوجتك موقوفة هناك ؟ إنها فرصة لتلتقيا , أليس كذلك ؟ . )... لم أحضر الاجتماع , ولكنني استعدت زوجتي , والكنبة
الاثنان في حالة يرثى لها .
رجعنا إلى بيتنا . وأشارت زوجتي إلى شرفة أم داود المفتوحة .
جارتنا كانت هناك تراقب باهتمام كل ما يدور حولها ..........
مذهل كيف أن حياتي في الأسبوعين الأخيرين صارت جميلة ومبهجة . بركة أخرى من بركات غياب أم داود . توقفت لأحدث بعض الزملاء في الممر, وارتفعت حواجبهم بدهشة وهم ينظرون خلفي . والتفت لأجد أحد الموظفين الثلاثة الذين تركتهم في الدور الأرضي يغمز بإلحاح . ويشير بيده إلينا ,
ويبتسم . ضج الزملاء بالضحك , وشاركتهم المرح وأنا أهز رأسي برضا . جميل أن نبدأ دوامنا بابتسامة . تبعتني سكرتيرتي إلى المكتب , ووقفت تستمع إلىّ بصمت وتحاول كبت جماح ضحكة عنيفة نطت من عينيها . حدثتها عن فضائل البهجة والمرح . وخلعت سترتي , ورفعت لأعلقها , وتسمرت مكاني !
وسط ظهر القماش الرمادي الفاتح كان ثمة ملصق لافت برتقالي سمين يشجر ويشير بذيله إلى تعليق كتب فوقه : ”لاأريد الذهاب إلى المدرسة ! ” . أحمر وجهي بشدة . شعرت بحرارتة الفائقة وغلي دمي . أنة عمل أبنتي . ظننتها تدغدغني . وهي كانت تلصق هذه المسخرة على ظهري . ”طيب ” قلت للسكرتيرة
التي لم تبارح مكانها ”ضحك الجميع بما فيه الكفاية . إلى العمل الآن . أحضري إليّ البريد . وملفات كل القضايا التي ستناقش . واطلبي لي قهوة مرة . ونبهي السادة الذين يثرثرون في الممر أنني سأقوم بجولة تفقدية في ظرف خمس دقائق ..“ بالغت بعض الشئ لكب حنقي كان كبيراً . كيف يسخرون مني , ويتركونني أشاركهم الضحك على نفسي ?
استغللت فرصة الغداء لأركب السيارة . وأسرع إلى الشقة لتغيير ثيابي لديّ اجتماع مهم بعد الظهر مع مسئولي الإدارة , ولم يكن من الممكن أن أحضرة من دون بدله رسمية كاملة . رفعت السرعة, ورن هاتفي فجأة . زوجتي تعلمني بأنها تعرضت لحادثة . تمايلت سيارتي بشكل خطر وأنا أمطرها بالأسئلة . صفر أحدهم . وخفضت السرعة .وتوقفت جنب الطريق وواصلت الحديث مع زوجتي . لم تصب بأذى . سائق السيارة انقل الذي رافقته لإحضار الكنبة اصطدم بعربة فاكهة . وتشاجر مع صاحب العربة . وجاءت الشرطة ونقلت الجميع إلى القسم . زوجتي تطلب حضوري لأخرجها ولنستعيد الكنبة . حاضر ,حاضر طمأنتها وأغلقت المحمول.ونقرأحدهم زجاج النافذة فتحت لشرطي طلب أوراقي , وسارعت أشرح له قبل أن يحرر محضره : (كنت أحدث زوجتي يا سيدي . تعرضت لحادث مرور، وهي الآن في قسم الشرطة ).
( كنت تتحدث في الهاتف ؟ , جيد أنك أخبرتني , فأنا لم أنتبه ) . قال , وأعلن بنبرة معسولة : ( لديك مخالفتان الآن : السرعة واستعمال الهاتف أثناء القيادة . هل تفضل دفع الغرامة في القسم ؟ قلت بأن زوجتك موقوفة هناك ؟ إنها فرصة لتلتقيا , أليس كذلك ؟ . )... لم أحضر الاجتماع , ولكنني استعدت زوجتي , والكنبة
الاثنان في حالة يرثى لها .
رجعنا إلى بيتنا . وأشارت زوجتي إلى شرفة أم داود المفتوحة .
جارتنا كانت هناك تراقب باهتمام كل ما يدور حولها ..........