ما أفلحت دولة ولت أمرها امرأة
بقلم: مشاعل العيسى (كاتبة سعودية)
...
سيدي ولي العهد حفظه الله
سلام الله عليك ورحمة منه وبركة
لقد سمعت بالوثيقة التي رفعها إليك مجموعة من مثقفاتنا السعوديات ـ
وسمعت بأن عددهن 300 امرأة ـ والتي يطالبن فيها بضرورة تولي المرأة السعودية بعض المناصب السياسية، وأهمها (الوزارةوالسفارة وعضوية مجلس الشورى)..
بل ويرين أن ذلك حقّ من حقوقها..
وأنا يا سيدي لاأرى صواب مطالبهن.
. أنا واحدة..
ولكن يساندني عدد كبير من بنات بلدي
، وهن على استعداد تام لتقديم وثيقة تناقض وتدحض معظم ما جاء في وثيقتهن.
أنا واحدة.. ولكني مستعدة أن أناظر كل نساء ورجال هذا البلد في هذا الشأن..
ومتأكدة بأني سأنتصرفي النهاية ـ
ليس ثقة وغرورا بل ثقة في مصدر حججي.
لن آتي بشيء من شريعةحمورابي ولا من نصوص القوانين الدولية والتي تخبّط في وضعها بشر مثلنا.
. بل سأتحدث من قوانين شرعية وضعها رب البشر وخالقهم، والذي ما حرم شيئا إلا لدفع الضرر.
لماذا كتاب الله من أوله إلى آخره لم يثبت أنه حثّ أو أوجب على تولي المرأة الولاية العامة؟؟؟؟..
بل على العكس فإننا نرى أن القرآن حث النساء على القرار في البيت،
وعدم الاختلاط بالرجال..
ومهما حاولنا أن نخدع أنفسنا فإننا لايمكننا أن ننخدع بالواقع الذي سيفرض علينا
عندما تنخرط المرأة في العمل السياسي..
فلابد من الاختلاط وخصوصا أنه يلزم عمليات الترشيح.. اجتماعات وسفر وإعداد ودعايةومقابلات..
وكل هذا من شأنه أن يؤدي إلى سقوط الحشمة!!
الرسول عليه الصلاةوالسلام، ولّى الكثير والكثير من الصحابة الولاية العامة (الحاكم والأمير والقاضي والسفير).. لكنّه لم يولّ امرأة.. بل كان يستنكر ولاية المرأة
لمثل هذه الأمور،فقال بأبي هو وأمي (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)..
ولم يحدث أن ولى النبي امرأةولاية عامة ولم يعين (أميرة أو قاضية أو سفيرة)
رغم أنه قد تزوج من خير النساءوأرجحهن عقلا..
فلماذا لم يولِّ النبي أي من زوجاته ولاية عامة؟؟؟
ثم إنناكلنا نعرف فضل أمهات المؤمنين زوجات النبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم..
فلماذالم يتم تكريمهن من قبل الخلفاء الراشدين بعد وفاته صلى الله عليه وسلم؟؟؟..
ولماذالم يتم توليهن أي ولاية عامة ولو على الأقل كعضوه في مجلس الشورى الإسلامي
، علىالرغم من مكانتهن وفضلهن وعلمهن؟؟؟.. لماذا؟؟؟؟
ثم لماذا لم تطالب أمهات المؤمنين بمثل هذه الولاية؟؟؟..
ولماذا لم يوصِ النبي الكريم بمثل هذا؟؟؟؟..
ترى هل فات كل هؤلاء مثل هذا الأمر العظيم؟؟؟؟؟
بنو أمية وبنوالعباس وبنو عثمان وما بينهم من حكومات إسلامية لم يثبت أن تولت امرأة منهم ولايةعامة أو خاصة ولا قضاء..
ولم تكن عضوا في مجلس الشورى..
فهل يعقل أن يتواطأ ويتّفق كل أولئك على اضطهاد النساء وحرمانهن حقوقهن؟؟؟؟!!!!!
القرون الثلاثةالأولى هي خير القرون وشهد لها النبيّ بالخيرية.
. لم نسمع عن تولي المرأة فيها الولاية العامة..
فلماذا لم يبادر العلماء والمشايخ إلى إعطاءالمرأة حقوقها؟؟؟..
ولماذا لم تطالب النساء بحقوقهن رغم أن فيهن الكثير من المثقفات
والأديبات والمتعلمات والجريئات؟؟؟؟
ولعل قائلا يحتج بالثقافةوالعلم في العصر الحاضر..
ليعلم الجميع أن تاريخنا الإسلامي يزخر بأسماء لامعةلنسوة مثقفات
وكاتبات وشاعرات وعالمات وفقيهات ومحدثات يفقن الرجال..
وعلى سبيل المثال (أمهات المؤمنين والصحابيات، هند بنت عتبة، الخنساء،
حذام، لبيبة، جهينة،الزرقاء، رابعة العدوية وووو).
بل إنه يا سمو ولي العهد لم يثبت في عهدوالدكم طيب الله ثراه أن تولت الولاية العامة امرأة في التاريخ السعودي..
وعلىالرغم من رجاحة عقل (موضي) زوجة الأمير محمد بن سعود..
وعلى الرغم من حب الملك عبدالعزيز لأخته (نورة) والتي يصدح باسمها وقت الهيجاء والحروب..
لم يحدث أن ولاهاأمرا من أمور المسلمين.
فلماذا لم يطالب المجتمع بأن تتولى إحداهن منصباسياسيا؟؟..
وهل فات والدكم الملك عبد العزيز هذا الأمر، وخصوصا أنه يرى انتشاره في الغرب؟؟؟
بل ولماذا لم تطالب زوجة الملك فيصل والملك خالد والملك فهد بمثل هذه المطالب..
وهن كما نعلم جميعا من ذوات العلم والعقل والدين؟؟؟؟
إن تولي المرأة الولاية العامة مع الكفر منكر على منكر..
ومع الإسلام اشد منكرا وفي القرآن الكريم، الهد هد ـ وهو هد هد ـ
استنكر على سبأ.. أول ما استنكر ـ وجود امرأة تحكم قومها
(إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم)..
ثم أن الملك سليمان لم يقرها على ملكها حتى لو أسلمت لذلك دعاها أن تأتي بنفسها
ونقل عرشها إليه لينهي هذا المنكر العظيم (الولاية الكبرى)!
ولكن لماذا لا تتولى المرأةالولاية العامة؟..
هل هو لنقص دينها وعقلها فقط؟؟؟
لا ليس لهذا الأمر فقط بل لكيدها ولقوة تأثيرها على الرجل..
وقدرتها على التسلط عليه!!..
إنها قد تغلب الرجل على عقله وتميل به عن دينه.
. لذا كان يجب على الرجل الذي يتولى أمر الولايةالعامة أن يحذر من تأثير المرأة وتسلطها عليه
خوفا من أن تجعله يقضي بغير الحق..
ولعل قول النبي لعائشة وحفصة رضي الله عنهما (إنكن صويحبات يوسف)
خير دليل على ذلك،حينما لم يستمع لرأي زوجتيه في صلاة أبي بكر بالجماعة.
إن حجة مقدمات الوثيقة أن تتولى المرأة شأن المرأة وأنها الأقدر على فهم نفسهاواحتياجاتها.
لكن أمور النساء في الإسلام لم يكن الحكم فيها للنساء..
وكان عمر يجمع للمعضلة أهل بدر.. كانت الشورى من أعظم الأمور،
وكان لكل عضو من الأعضاءزوجة أو أم أو أخت يستشيرها في الأمور الخاصة بالنساء
ثم يؤول الأمر إلى الرجال..
وما فعله عمر من أخذ رأي ابنته حفصة في المدة التي تصبر فيها المرأة عن زوجها خيردليل على ذلك.. فلماذا لم يعين عمر بن الخطاب ابنته وأم المؤمنين حفصة في مجلس الشورى الإسلامي
وهي من أخذ برأيها في مسائل النساء الخاصة؟؟؟
ما هو الشيءالغريب؟؟؟
في الشريعة الإسلامية المرأة ليس لها ولاية مطلقا، لا على ولدولا على أخ،
بل ولا حتى على نفسها في زواج، فلا نكاح إلا بولي..
وليس عليها أن تتولى أمر بيتها ـ وهو بيتها..
يعني أن هذه الولاية الخاصة جعل الله الأمر فيها إلىالرجل وهو صاحب القوامة..
فهل يعقل أن تحرم الشريعة المرأة من ولاية أمر نفسهاوبيتها
ويسمح لها بتولي أمور المسلمين ودولة كاملة؟؟؟؟؟
ما لذي يثير العجب حقا؟؟؟؟
إني أعجب أشد العجب من الرجال الذين يرون أنفسهم رجالا،
وينادون بضرورة تولي النساء بعض الأمور العامة في الدولة..
وما يدري هؤلاء أن في ذلك قدح في رجولتهم..
إذ كيف يرضى رجل على نفسه أن يترك أمره وأمر بلده بيد من هو أكمل منهاعقلا؟
وحتى لو وافقت رجولة هؤلاء مثل هذا الأمر، فنحن النساء لا نوافق علىأن يتولى شأننا نساء..
ونحن نعلم جميعا مدى ضعف المرأة وتقلب مزاجها حسب اختلالات هرموناتها،
وحسب ضعف ذاكرتها.
. هل سنترك أمورنا الحاسمة والكبيرة تخضع لأمزجة هؤلاءالعاطفيات الضعيفات
ونحن ضعيفات مثلهن..
هل نسلم الضعف للضعف؟.
. لا.. نحن لا نريدأن يبت في أمورنا نحن النساء إلا الرجال فهم الأكمل والأعقل.
. أما النسا، فيؤخذبرأيهن كرأي.. لا بأس.. إذ أن النبي الكريم أخذ برأي أم سلمة..
بل إنه يجوز استشارةالمرأة ولها أيضا حق الجوار والأمان..
ولكن الممنوع هو أن تنصب المرأة للولايةالعامة.
وسألت نفسي السؤال الأخير: ترى لو كان الشيخ العلامة ابن باز موجوداهل كان سيرضى بتولي المرأة للولاية العامة؟؟؟كيف وهو من استنكر علىباكستان 1409هـ عندما سئل عن ترشيح (بنازير بوتو) في الانتخابات.. فأجاب: (توليةالمرأة واختيارها للرئاسة العامة على المسلمين
لا يجوز وقد دلّ على ذلك الكتاب والسنة والإجماع)
ما هي الحجة الدامغة التي تحسم هذا الأمر؟؟؟؟؟؟
الحجة التي تكفي في هذا الأمر، هي أن تحريم تولي المرأة للولاية العامة
هوحكم بإجماع (كل) علماء الأمة في جميع عصورها..
ولم يخالف هذا الأمر أحد من علماءالمسلمين قاطبة..
فهل نترك حكم العلماء جميعا ونتبع أهواءنا؟.. (ومن أضل ممن اتبع هواه)!
كلام الله ورسوله.. كلام صالح لكل الأمكنة ولكل الأزمنة..
وصالح لكل الظروف، ولا يجب أن يعمل إلا بشرعه..
ولو أن الشريعة بمصادرها القوية لا تصلح لهذاالزمان وللتحضر والتقدم والتفتح الإعلامي.
. فلماذا خلد الله القرآن وحفظ السنةالمطهرة وجعلهما مصدري أمن وأمان لكل من يأخذ بهما؟؟..
ثم لماذا لم ينزل الله لناشريعة جديدة لتواكب متغيرات هذا العصر؟؟؟
وهل علينا أن نلزم الشريعة أن تتفق بالقوة مع أهوائنا لمجرد الرغبة في التقليد
والسير في تعرجات جحر الضب؟؟؟؟
هل علينا أن نُخضع الشرع العظيم لعقولنا القاصرة؟؟؟؟
واخيرا.. وبعد كل هذا وبما أننا نعيش في جاهلية القرن الواحدوالعشرين..
والتي تتبدل فيها المفاهيم لتصبح الحرية قيدا.. والرحمة عذابا..
والكرامة إهانة.. أسألكم بقوله تعالى
(أفحكم الجاهلية تبغون)؟؟؟؟؟؟؟؟
حفظ الله بلدنا من كل سوء.. وسدد على الخير خطاكم.
مقدّم من المواطنة: مشاعل العيسى.
هل يجب أن نصل إلى ما وصلوا إليه من العلم والتقدم بنفس خطاهم
وأن نتتبع كل شيء يقومون به حتى لو كان مخالفاً صراحةًلشريعتنا وديننا؟؟!!
هل علينا أن نعمى ونصم عن الفضائح الأخلاقيةوالاجتماعية والثقافية والحاصلة عند الغرب..
وأن نرى فقط ما يريدوننا ان نرى؟!!!!
ألم يشرع لنا ربنا تبارك وتعالى ما فيه الخير لنا في ديننا ودنياناوعاقبة أمرنا ؟!!
ما هي الحاجة لإمرأة في الشورى ؟!
هل كان عائقاًبالفعل عدم وجودها في المجلس لحل مشاكلها؟؟؟!
أليس من المهم أن نهتم في التعليم والتقدّم الفكري في مجالات الطب والهندسة والعسكرية
أليس من الأهم أن نجد حلولاً سريعة وذكيّـةلبعض مشكلات البلد ؟!
أم نبتغي الصلاح والفلاح والرشاد في غير شرع الله..
علنا نصل إلى الجنة بغير سبيل الله !!!
أسأل الله عز وجل أن يرينا الحق حقاً وأن يرزقنا اتباعه..
وأن يريناالباطل باطلاً وأن يرزقنااجتنابه