عاشوراء ... يوم عظيـم من أيام الله.
الحمدلله رب العالمين , والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين
.لما أنجى الله موسى وأغرق فرعونَ صام موسى عليه السلام يومَ العاشرمن محرم
شكراً لله على نعمته وفضله عليه بإنجائه وقومه وإغراق فرعونَ وقومه،
صامه موسى عليه السلام، وتلقته الجاهلية من أهل الكتاب،
فكانت قريشٌ تصومه في جاهليتها
،وكان النبي يصومه معهم.
قالت عائشة رضي الله عنها: {كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية،
فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان ترك يوم عاشوراء،
فمن شاء صامه، ومن شاء تركه}. متفق عليه.
وعلى هذا فصيام عاشوراء على ثلاث مراتب
:1ـ صوم التاسع والعاشروالحادي عشر.
2ـ صوم التاسع والعاشر.
3ـ صوم العاشر وحده
.وقال الإمام أحمد بن حنبل –
رحمه الله - : ( فإن اشتبه عليه أول الشهر صام ثلاثة أيام،
وإنما يفعل ذلك ليتيقن صوم التاسع والعاشر ).
وصوم عاشوراءوإن لم يعد واجباً
فهو مما ينبغي الحرص عليه غاية الحرص
، وذلك لمايأتي
:1- صيامه يكفر السنة الماضية:
ففي صحيح مسلم أن رجلا
سأل رسول الله عن صيام عاشوراء
فقال: ((أحتسب على الله أن يكفر السنةالتي قبله)).
2- تحري الرسول صلى الله عليه وسلم صيام هذااليوم:
روى ابن عباس قال: (ما رأيت النبي يتحرى صوم يوم فضله على غيره إلاهذا اليوم يوم عاشوراء) [البخاري].
وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: ((ليس ليوم فضل على يوم في الصيام إلا شهر رمضان ويوم عاشوراء))
[رواهالطبراني في الكبير بسند رجاله ثقات].
3- وقوع هذا اليوم في شهر الله المحرم الذي يسن صيامه
: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((أفضل الصيام بعد صيام رمضان شهر الله المحرم))
[الترمذي وقال: حديث حسن].
4- كان الصحابة رضي الله عنهم يصوّمون فيه صبيانهم تعويداً لهم على الفضل،
فعن الربيع بنت معوذ قالت أرسل النبي صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار:
((من أصبح مفطراً فليتم بقية يومه،ومن أصبح صائماً فليصم))
قالت: فكنا نصومه بعد ونصوّم صبياننا ونجعل لهم اللعبة من العهن
، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار. [البخاري:1960].
كان بعض السلف يصومون يوم عاشوراء في السفر،
ومنهم ابن عباس وأبو إسحاق السبيعي والزهري،
وكان الزهري يقول: (( رمضان له عدة من أيام أخر،وعاشوراء يفوت ))،
ونص أحمد على أنه يصام عاشوراء في السفر.
أما الحكمة من صيام التاسع مع العاشر
فهي كما قال النووي رحمهالله: ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ فِي
حِكْمَةِاسْتِحْبَابِ صَوْمِ تَاسُوعَاءَ أَوْجُهًا:
أَحَدُهَا: أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ مُخَالَفَةُ الْيَهُودِ فِي اقْتِصَارِهِمْ عَلَى الْعَاشِرِ, وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.
الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ وَصْلُ يَوْمِ عَاشُورَاءَبِصَوْمٍ, كَمَا نَهَى أَنْ يُصَامَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَحْدَهُ.
الثَّالِثَ: الاحْتِيَاطُ فِي صَوْمِ الْعَاشِرِ خَشْيَةَنَقْصِ الْهِلالِ,
وَوُقُوعِ غَلَطٍ فَيَكُونُ التَّاسِعُ فِي الْعَدَدِ هُوَالْعَاشِرُ فِي نَفْسِ الأَمْرِ
. انتهى
وأقوى هذه الأوجه
هو مخالفة أهل الكتاب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
نَهَى صلى الله عليه وسلم عَنْ التَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ
، مِثْلُ قَوْلِهِ فِي عَاشُورَاءَ: ( لَئِنْ عِشْتُ إلَى قَابِلٍ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ ) . الفتاوى الكبرى ج
أيهاوالأخوات
:هلموا إلى عبادة الله في هذا الشهر الكريم
كما يحبّ ويرضى،
ووفق سنّة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم
، واحتسبوا وارغبوا في صيام عاشوراء
رجاء أن تشملكم رحمة الله ومغفرته،
وجددوا لله تعالى التوبة في كل حين.
اللهم تب علينا واعف عنا
وتجاوز عن خطيئاتنا
، اللهم اغفر لنا ذنبنا كله، دقه وجله،علانيته وسره،
أوله وآخره، ما علمنا منه وما لم نعلم
ونسأل الله تعالى أن يهديناسبل السّلام،
وأن يرزقنا العمل بما يُرضيه
، وأن يُعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير،
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة].